مكتبة الإسكندرية
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
كانت مكتبة الإسكندرية الملَكية أكبر مكتبات عصرها، ويعتقد أنّ تأسيسها كان بأمر بطليموس الثاني، في أوائل القرن الثالث قبل الميلاد، وأنّ عدد الكتب التي احتوتها قد بلغ الـ 700,000 مجلّد. في سنة 2002 و بدعم من منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة، اليونسكو، تم تدشين مكتبة الإسكندرية الجديدة وتقع كلا المكتبتين في مدينة الإسكندرية بمصر.
إنّ كل المعلومات التي بحوزتنا عن مكتبة الإسكندرية تأتي من بضعة شهادات مختلفة ومتفرقة، مما يجعل تاريخ هذه المكتبة وصفتها وتنظيم العمل فيها وحتّى العدد الحقيقي للمجلدات التي احتوتها يفتقد إلى أي دقة علمية إذا ما رجعنا إلى الشروط التي يجب أن يتخذها أي بحث علمي حسب علماء التاريخ.
يصرّ باحثو ومؤرخو القرنين العشرين والحادي والعشرين على توضيح أنّ هذه المكتبة عبارة عن فكرة مثالية وطوباوية للماضي. فبرغم من أنها قد وجدت بالفعل وبدون شك في وقت ما، فإن كل ما كتب عنها هو إمّا متضارب وغامض و محل شك، وإمّا زاخر بالتوقعات ويرتكز على معلومات قليلة هي في أغلب الأحيان تقريبية. فالمعلومات الثابتة قليلة، والمسألة تبدو كتصوّر مثالي وأسطوري لما يُعتقد أنّ هذه المكتبة كانت عليه من فخامة وقيمة.
فهرست |
[تحرير] المكتبة في الفترة القديمة
أمر بطليموس الأول سوتر ببناء قصر كبير في الإسكندرية ليكون مقر سكن لكل السلالة البطلمية، و في أحد جوانب الحديقة تمّ تشييد مبنى عظيم عرف بادئ الأمر بالـموسيين . وأطلق عليه هذا الاسم إجلالا للحكمة والمعرفة، ذلك أنه اعتبر هيكلا للملهمات (موسا باللغة اليونانية Μούσα ) واللاتي كنّ إلهات الذاكرة والفنون والعلوم. كان الموسيون يتكون من عدّة أقسام مكرّسة للمعرفة، اتسعت بمرور الزمان وازدادت قيمتها.
أصبحت المكتبة من أهم أقسام الموسيون وذاع صيتها في جمع أصقاع العالم. وعُرفت في تلك الفترة من التاريخ القديم كمؤسّسة ذات فخامة وعظمة استثنائيتين، حرص ملوك البطالمة على القيام بها والمحافظة عليها وإثرائها. كان البطالمة وهم المقدونيو الأصل، قد أخذوا عن الإغريق ولعهم واهتمامهم بالعلم والمعرفة فدعموا المكتبة وتعهدوا بها لمدّة قرون، فكانت منذ إنشائها خير سند للبحوث والعلوم. كما خصّص البطالمة جزءا من ثورتهم الطائلة لإثراء المكتبة باقتناء الكتب النفيسة من شتّى بلاد العالم كاليونان وفارس والهند وغيرها.
كانت مكتبة الموسيون تتكون من عشرة قاعات معدّة للبحث والدراسة، تختصّ كل واحدة منها بمادة مختلفة. وكانت هذه الأقسام تحتوي على مجموعات وافرة وثريّة، خاصة في مجال الأدب الإغريقي. وكان فريق من الشعراء والعلماء يسهر على الحفاظ على جودة المستوى، فكانوا يعملون بكل تفاني كما لو كانوا كهنة معبد. و في الحقيقة كان مبنى الموسيون عبارة على هيكل مشَيَّد للعلم والمعرفة.
كلف بطليموس الأول الشاعر والفيلسوف كليماخوس بمهمة فهرست جميع المجلّدات والكتب. فكان من أول أمناء مكتبة الإسكندرية، وبلغ مجموع الأعمال المفهرسة نصف مليون مجلّد، تتمثل بعضها في لفائف من أورق البردي ومخطوطات على الرقّ بينما كان بعضها الأخر على شكل أوراق مقطوعة ومجموعة في مجلّدات كانت تنقسم أحيانًا إلى أجزاء أو أسفار غالبًا ما كانت تنسخ في إصدارات جديدة ذات قيمة كبيرة تفوق في بعض الأحيان الأعمال الأصلية وذلك بسبب الإصلاحات والتنقيحات التي يقع إدخالها.و كان مساعدو كليماخوس والقائمون على تنظيم المكتبة ينقِّبون في جميع أصقاع العالم المعروف آنذاك، على اختلاف لغاتهم وثقافتهم، فيبعثون بمفاوضين لاقتناء مكتبات بأكملها أمّا باشترائها أو باستعارتها لنسخها ثمّ إعادتها.
و كانت الشرطة تقوم بتفتيش كل المراكب التي تصل ميناء الإسكندرية الشهير ليس بحثا عن بضائع مهرّبة بل عن الكتب والمخطوطات، فكانوا كلّ ماوجدوا لفيفة صادروها وأخذوها إلى مستودعات المكتبة وهناك كانت الكتبة تتعهد بنسخها وعند الانتهاء منها، كانت اللفيفة (في أغلب الأحيان) تعاد إلى صاحبها. كانت قيمة هذه النسخ لا تقدر بثمن وصارت مكتبة الإسكندرية تحتوي على نسخ لجميع كتب العالم القديم فأصبحت بذلك المهد الأول لفن الإصدارات النقديّة.
بلغ عدد الأعمال التي احتوتها المكتبة:
- الـ200.000 مجلدا في عهد بطليموس الأول
- الـ400.000 مجلدا في عهد بطليموس الثاني
- الـ700.000 مجلدا سنة 48 ق م مع يوليوس قيصر
- الـ900.000 مجلدا عندما أهدى ماركوس أنطونيوس 200.000 مجلدا لكليوباترا جُلبت من مكتبة برغامون.
كان كل واحد من هذه المجلَّدات عبارة عن لفيفة مخطوطة من ورق البردي زاخرة بمواضيع مختلفة. يعتقد أنّه ومن بين النفائس التي احتوتها مستودعات هذه المكتبة ثلاث مجلّدات ثمينة لكتاب عنوانه "تاريخ العالم" للكاهن البابلي المسمى بيرُسوس حيث يتطرّق جزئه الأول إلى الفترة التي تمتد منذ بداية الخليقة إلى عهد الطوفان وهي فترة دامت حسب تقديراته 432.000 سنة أي أكثر بمائة مرّة من التقويم الذي يقدّمه العهد القديم و هكذا استطعنا التوصل إلى أنّ مصدره إنّما هو هندي الأصل.
نشأت مكتبة الإسكندرية مع فترة حكم بطليموس الأول (أو ابنه بطليموس الثاني فيلاذلفوس حسب مصادر أخرى) وكانت نهايتها نهاية مأساوية في سنة 48 ق.م. أثناء الحرب التي قامت بين مصر وروما. دارت معركة ضروس بين الأسطولين المصري والروماني اندلع على إثرها حريق مريع بالمدينة ولم تفلت المكتبة من ألسنة اللهب. اندثر بهذه الطريقة أحد أكبر مناهل المعرفة الذي استلزم لجمعه وتحصيله قرونا عدّة ولم ينجو من هذا الحريق إلا القليل النادر من الكتب والأعمال وأخرى تناقلت ذكراها أجيال من بعد اندثارها. فعلى سبيل المثال نعرف أنّ المكتبة احتوت على 123 مسرحيّة للكاتب الإغريقي سوفقليس لم تنجو منها إلا سبعة إحداها هي مسرحية أوديب الملك.
كنت تلك خسارة جسيمة لا تقدر بثمن و تروي القصّة أنّه و من الحرائق العديدة التي نشبت بالمدينة كان حريق المكتبة عملا تخريبيا مفتعلا لم يستطع أحدٌ التصدي له. كان سكان الإسكندرية معزولون عن نشاط المكتبة ولم يكن لديهم أي علم بكل ما تزخر به هذه الأخيرة من نفائس هي في نهاية الأمر لا تعنيهم. فالمكتبة لم تسعى يوما إلى حل مشاكلهم أو إلى تحسين حياتهم اليومية فلم تكون الدراسات والاكتشافات الكبرى ذات تطبيق مباشر مما جعلها لا تعود بأي فائدة على عامة الشعب ليبقى العلم والمعرفة شأن نخبة قليلة من المحظيين. كانت مكتبة الإسكندرية في نظر هذه النخبة المحظية كما هي في نظر العالم بأسره اليوم أروع المكتبات التي عرفتها البشرية.
[تحرير] الحكماء
فاق عددهم المائة في أكثر فترات المكتبة تألّقاً فكانوا ينقسمون إلى فريقين حسب التصنيف الذي وضعوه هم بأنفسهم الفيلولوجيون والفلاسفة:
كان الفيلولوجيون يدرسون النصوص والنحو بكل تعمّق فبلغت الفيلولوجيا مرتبة كبرى العلوم فكان لها إتصال بعلم التاريخ والمثيوغرافيا. بينما يدرس الفلاسفة بقية العلوم سواء كانوا مفكرين أو علماء. و من بين أجيال العلماء الذين تعاقبوا على مكتبة الإسكندرية وعملوا بها الساعات الطوال الدراسة والتمحيص، عباقرة حفظ التاريخ أسماءهم مثل أرخميدس (مواطن سيراقوسة) وطوّر بها اقليدس هندسته وشرح هيبارخوس للجميع حساب المثلثات وطرح نظريته القائلة بجيومركزية العالم فقال أنّ النجوم أحياء تولد وتتنقّل لمدة قرون ثمّ تموت في نهاية المطاف، بينما جاء أريستارخوس الساموسي بالأطروحة المعاكسة أي نظرية الهليومكزية (وهي القائلة بحركة الأرض والكواكب الأخرى حول الشمس وذلك قبل كوبرنيكوس بعدّة قرون). نجد كذلك ومن بين جملة العلماء الذين يختلفون على المكتبة إراتوسثينس والذي ألّف جغرافيّةً وأنجز خريطة على قدر كبير من الدقّة وهيروفيلوس القلدوني وهو عالم وظائف استنتج أنّ مركز الذكاء هو الدماغ وليس القلب. كما كان من روّاد المكتبة الفلكيون طيمقريطس وأرسطيلو وأبولونيوس البرغامي وهو رياضي معروف ، وهيرون الإسكندراني مخترع العجلات مسنّنة وآلات بخارية ذاتية الحركة وصاحب كتاب أفتوماتكا وهو أول عمل معروف عن الروبوتات. و في مرحلة لاحقة وحوالي القرن الثاني في نفس المكان الفلكي كلاوديوس بطليموس وعمل بالمكتبة أيضا غالينوس الذي ألّف أعمالاً كثيرة حول فن الطب والتشريح. ومن أخر أعلام الموسيون نجد امرأة تدعى هيباتيا و هي رياضية و فلكية كانت لها نهاية مأساوية و ميتة شنيعة على أيدي بعض الكهنة المسحيين.
[تحرير] التوسعة والهدم
كما ذكرنا سابقا فإنّ المكتبة كانت جزءا من الموسيون ولكنها و في مرحلة لاحقة اكتسبت أهمية وحجما كبيرين وبالتالي أصبح من الضروري إنشاء ملحق على مقربة منها. يعتقد أن الملحق أو "المكتبة الوليدة" أنشأت بأمر بطليموس الثالث إفيرغيتيس. أنشئ هذا الملحق على هضبة حي راكوتيس (والمعروف اليوم بحي كرموز)، في مكان من الإسكندرية بعيدا عن شاطئ البحر في معبد قديم شيّده البطالمة الأوائل للإله سيرابيس وسمي السرابيوم. استطاعت هذه المكتبة الصمود وعبور القرون مكتسبة كسابقتها شهرة وأهمية كبيرتين في شتى أرجاء العالم. و قد حافظ الأباطرة الرومان، في ما بعد، على المكتبة وطوّروا تجهيزاتها بنظام تدفئة مركزية بمد أنابيب عبر الحيطان وذلك للحفاظ على جفاف الجو داخل المستودعات الأرضية. قامت هذه المكتبة الوليدة مقام المكتبة الأولى لمدّة طويلة بعد الحريق الهائل الذي نشب بالإسكندرية أثناء المعركة التي دارت بين الأسطولين الروماني والمصري. لجئت عندها كليوباترا السابعة إلى مدينة طرسوس صحبة ماركوس أنطونيوس الذي أهداها عندها 200.000 مخطوطا جلبت من مكتبة برغامة (في آسيا الصغرى) فكانت تلك الهدية عبارة على تعويض للخسائر التي تكبدتها المكتبة إثر الحريق.
أمناء المكتبة جمع ديمتريوس الفاليرى اليونانى نواة مكتبة الإسكندرية، وهو فى بلاد اليونان. كما يمكن أن يطلق عليه مؤسس فكرة المكتبة، ولو أن هذا الشرف أو أكثر منه ينبغى عدلا أن ينسب إلى الملكين الأول والثانى من البطالمة.
إذ كان بطلميوس الأول (سوتر) هو الذى أمر بتأسيس المكتبة وتنظيمها على نفقته، ثم أكمل ذلك خلفه بطلميوس الثانى (فيلادلفوس). ومن ثم ينبغى أن نقول إن مكتبة الإسكندرية، هى بمثابة إنجاز مشترك لسوتر وفيلادلفوس وديمترويوس.
ومما لا ريب فيه أن أمناء مكتبة الإسكندرية، لقوا من أنواع المتاعب المكتبية مثلما يلقى الأمناء فى المكتبات الجامعية الحديثة. إذ كان من الصعب التوفيق بين ما يطلبه عامة القراء والمتخصصون، بتوزيع الكتب بين المكتبة الأم والمكتبات المتخصصة.
قد كان زينودوتوس الأفيسى على الأرجح هو أول امين للمكتبة. وكان على رأس الأشخاص الذين خدموا بالمكتبة ديمتريوس الفاليرى (حوالى 284 ق.م)، وزينودوتوس الأفيسى (284- 260 ق.م)، وكاليماخوس البرقاوى (260- 240ق.م)، وأبوللونيوس الرودسى (240- 235 ق.م)، وإراتوستثيس البرقاوى (235- 195 ق.م)، وأريستوفانيس البيزنطى (195-180 ق.م)، وأبوللونيوس إيدوجرافوس (180-160 ق.م)، وأريستارخوس الساموتراقى (160-145 ق.م).
من الممكن ان يضاف إلى هذه القائمة اسم أمين أو يحذف منها آخر، ولكن هناك شبه اتفاق على هؤلاء الأشخاص.
[تحرير] المكتبة في القرن العشرين
[تحرير] وصلات خارجية
[تحرير] المصادر
- ترجمة عن المقالة الإسبانية.