هولوكوست
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
هولوكوست عبارة عن مصطلح تم استخدامه لوصف الحملات الحكومية المنظمة من قبل حكومة المانيا النازية وبعض من حلفاءها لغرض الأضطهاد و التصفية العرقية لليهود في اوروبا اثناء الحرب العالمية الثانية. كلمة هولوكوست هي كلمة مشتقة من الكلمة اليونانية holókauston, ὁλόκαυστον والتي تعني "الحرق الكامل للقرابين المقدمة لخالق الكون". في القرن التاسع عشر تم استعمال الكلمة لوصف الكوارث او المآسي العظيمة.
اول مرة استعملت فيها كلمة هولوكوست لوصف طريقة معاملة هتلر لليهود كانت في عام 1942 ولكن الكلمة لم تلق انتشارا واسعا لحد الخمسينيات و مع السبعينيات اصبحت كلمة هولوكوست تستعمل حصريا لوصف حملات الأبادة الجماعية التي تعرض لها اليهود بالتحديد على يد السلطات الألمانية اثناء هيمنة الحزب النازي بقيادة أدولف هتلر. اليهود انفسهم كانوا يستعملون كلمة شواه (שואה) في الأربعينيات بدلا من هولوكوست وهي كلمة مذكورة في التوراة وتعني الكارثة [1]
هناك انواع اخرى من الهولوكوست على سبيل المثال الهولوكوست الآسيوي التي استعملت لوصف اوضاع جزر المحيط الهادي واقصى شرق آسيا تحت احتلال الأمبراطورية اليابانية و الهولوكست الأسود لوصف موت اعداد كبيرة من الزنوج على السفن التي كانت تقلهم الى عبوديتهم في الولايات المتحدة و الهولوكوست الصيني لوصف اوضاع الصين تحت الأحتلال الياباني ولكن وكما ذكرنا سابقا ان كلمة هولوكوست تستعمل في الوقت الحالي على الأغلب لوصف الحملات الحكومية المنظمة من قبل المانيا النازية و حلفائها لأبادة اليهود في اوروبا اثناء الحرب العالمية الثانية.
فهرست |
[تحرير] البدايات
في عام 1904 قام الطبيب الألماني ألفريد بلويتز Alfred Ploetz (1860 - 1940) بنشر افكاره عن ما أسماه تحسين النسل البشري عن طريق تغييرات اجتماعية بهدف خلق مجتمع اكثر ذكاءا وانتاجية لأجل الحد من ما اسماه المعاناة الأنسانية. بعد 16 سنة من هذه الكتابات نشر كتاب باسم "الرخصة للقضاء على الأحياء الذين لا يستحقون الحياة" Die Freigabe der Vernichtung Lebensunwertem Lebens للكاتب والقانوني كارل بايندنك Karl Binding الذى كتب الكتاب بالأشتراك مع الطبيب النفسي الفريد هوج Alfred Hoche وكان الكتاب عن فكرة القيام بتعجيل الموت الرحيم للمصابين بالأمراض المستعصية علاجها ولم يتم في هذا الكتاب على الأطلاق ذكر ابادة اي عرق او مجموعة بسبب انتماءهم الى دين معين.
يعتقد البعض ان المنشورات المذكورة اعلاه استخدمت فيما بعد من قبل النازيين الى استكمال خطتهم الشاملة لأبادة اليهود والمعروفة بالحل النهائي او حل أخيرEndlösung der Judenfrage . في 1 ابريل 1933 اي بعد فترة قصيرة من صعود النازيين للحكم في المانيا قام الحزب بالقيام باعلان مقاطعة كاملة ليوم واحد للاعمال والمنتجات التجارية التي يملكها اليهود في المانيا وتلى هذا الأجراء قرارات من قبل سلطات الرايخ الثالث في 7 ابريل 1933 بطرد اليهود من الدوائر و المؤسسات الحكومية وفي عام 1935 صدر قرار يمنع اليهودي من الزواج من غير اليهودية وبالعكس وتم سحب الجنسية الألمانية من اليهود وسحب منهم ايضا حق التصويت في الأنتخابات وفي 15 نوفمبر 1938 تم اصدار قانون يمنع التلاميذ اليهود من دخول المدارس الألمانية العامة [2].
مصطلح الحل النهائي او حل أخير تم استعماله لاول مرة من قبل أدولف أيخمان والذي اشرف على عمليات الهولوكوست وتمت محاكمته واعدامه من قبل محكمة اسرائيلية في 1 يونيو 1962 في سجن الرملة. تمت مناقشة خطة الحل النهائي في مؤتمر داخلي للحزب النازي عقد في منطقة وانسي Wannsee جنوب غرب برلين في 20 يناير 1942 والذي نوقشت فيه آلية أبادة %64 من يهود اوروبا وحضر ذلك الأجتماع هينريك هيملر ايضا والذي كان من أقوى رجال ادولف هتلر وأكثرهم شراسة. ونصت مختصر محضر الأجتماع ان الأسلوب السابق في تشجيع اليهود على الهجرة من المانيا قد تم تغييره الى الأستبعاد القسري [3].
عملية الهولوكوست و بنود الحل الأخير بررتها الفلسفة النازية بكونها طريقة للتخلص ممن اعتبرتهم "تحت البشر" Untermensch وان الأمة الألمانية لكونها عرق نقي Herrenvolk لها الحق في حكم العالم وان العرق الآري يفوق في جودته الأعراق الأوروبية الخليطة مثل الغجر و البولنديون و اليهود و السلافييون و الألطيون و الأفريقيون وان بعض فصائل المجتمع حتى اذا كانوا من العرق الآري مثل الشاذين جنسيا و المجرمين و المعاقين جسميا او عقليا و الشيوعيون و الليبراليون والمعارضون لفلسفة النازية و شهود يهوه كانوا حسب الفكرة النازية من طبقة "تحت البشر" [4]. تمت بالأضافة الى اليهود ابادة 100,000 شيوعي و 15,000 - 25,000 ممن اعتبروا شاذين جنسيا و 1,200 - 2000 من شهود يهوه وتم اجراءات جراحية او طبية لمنع 400,000 معاق عقليا من الأنجاب واستعملت اساليب القتل الرحيم والتي سميت Tiergartenstraße 4 او T4 لأنهاء حياة 200,000 - 300,000 من المصابين بعاهات لا امل للشفاء منها [5] [6]
يعتقد معظم المؤرخين ان البداية الفعلية للهولوكوست كانت ليلة 9 نوفمبر 1938 حيث اجتاحت مظاهرات غاضبة ضد اليهود العديد من المدن في المانيا وتم كسر و تخريب المحلات التجارية لليهود وقتل في تلك الليلة 100 يهودي واعتقل 30,000 وتم اتلاف 7000 محل تجاري و 1,574 معبد يهودي وسميت تلك الليلة, Kristallnacht بمعنى ليلة الزجاج المهشم [7]
[تحرير] الوسائل
يعتقد البعض ان الهولوكوست كانت من اكثر عمليات الأبادة الجماعية تنظيما و تطورا حيث كانت لدى السلطات النازية معلومات مفصلة عن الأسماء التي تم استهدافها لغرض التصفية والأرقام الدقيقة التى تم الأحتفاظ بها من المجاميع التي تم تصفيتها منها على سبيل المثال التلغراف المشهور الذي بعث به هيرمان هوفل الى هتلر وهيرمان كان الرجل الثاني في عملية رينهارد Operation Reinhard التي كانت عبارة عن تصفية اليهود في بولندا , اشتهرت هذه الوثيقة باسم تلغراف هوفل Höfle Telegram وفيه يذكر هوفل انه خلال ديسمبر 1942 لقي 24,733 يهودي حتفهم في معتقل ماجدانيك Majdanek و 434,508 في معتقل سوبيبور و 101.370 في معتقل تريبلنكا Treblinka وجميع هذه المعتقلات كانت في بولندا ويتم الأشراف عليها من قبل هينريك هيملر وبالقيادة الميدانية للضابط أوديلو كلوبوسنك Odilo Globocnik.
يذكر المؤرخ البريطاني المعاصر ريتشارد اوفري Richard Overy في كتابه حرب روسيا ان النازييون استعملوا اليهود كحيوانات اختبار لتطوير الفعاليات و القدرات التي يمكن بواسطتها قتل اكبر عدد ممكن من اليهود فيورد على سبيل المثال حادثة صف المعتقلين وراء بعظهم البعض واطلاق طلقة واحدة لقتل اكثر من شخص ولكن هذه التجربة لم تنجح و يورد ايضا تجربة القاء قنبلة على حشد من المعتقلين التي لم تكن ناجحة ايضا لان اعداد الجرحى كان اكبر من القتلى ويورد ايضا تجربة استعمال دخان السيارات في غرف مغلقة.
يرى معظم المؤرخين ان الهولوكوست كانت حملة منظمة على نطاق واسع استهدفت من تم اعتبارهم دون البشر في عموم اوروبا التي كانت تحت الهيمنة النازية وتم ارسالهم اما الى معسكرات العمل او معسكرات الأبادة وهناك ارقام عليها الكثير من الجدل كما سنرى لاحقا وهي 5 - 7 ملايين يهودي منهم 3 ملايين في بولندا وحدها وهناك ادلة على اجراء اختبارات علمية على المعتقلين وخاصة في معتقل أوشوتز Auschwitz concentration camp في بولندا حيث قام الدكتور النازي جوزيف مينجل Josef Mengele (1911 - 1979) باجراء تجارب مختلفة على المعتقلين منها وضعهم في حاويات مغلقة ذات ضغط عالي و تجارب التجميد لحد الموت و كان اهتمام جوزيف منصبا على التوائم . من التجارب الأخرى التي قام بها جوزيف هو محاولة تغيير لون العين في الأطفال بحقن مواد في قزحية العين و محاولة ايجاد لقاح لمرض الملاريا بعد حقن الشخص السليم بجرعة من لعاب الذبابة الناقلة للمرض وعمليات لنقل او زرع الأعضاء في الجسم وتجارب لمنع الحمل و الأنجاب وتجارب اخرى [8].
[تحرير] المعتقلات الجماعية
بدءا من عام 1933 بدأ النازيون بتشكيل العديد من معسكرات الأعتقال التي كانت تحوي على كمية كبيرة من البشر في رقعة صغيرة من الأرض فسمّيت بمعسكرات التركيز او معسكرات التكثيف Concentration camp وكانت لغرض سجن المعارضيين السياسيين و "غير المرغوب فيهم" وفي نهاية عام 1939 كانت هناك 6 من هذه المعتقلات في المانيا وتم اثناء الحرب العالمية الثانية بناء اعداد اخرى في الدول الأوروبية التي خضعت لسيطرة المانيا.
معسكرات التكثيف كانت تضم اليهود و الشيوعيين و البولنديين و اسرى الحرب و الغجر و شهود يهوه وممن اعتبروا شاذين جنسيا وكان المعتقلون يقومون بصورة قسرية بانجاز اعمال موزعة عليهم وتم كذلك اجراء تجارب علمية و طبية على المعتقلين . بعد بداية الحرب العالمية الثانية وبالتحديد عام 1941 تم انشاء انواع اخرى من المعسكرات وسميت معسكرات الأبادة او الموت extermination camp وكانت متخصصة في القضاء على المعتقلين بواسطة الغاز السام او القتل الجماعي بوسائل اخرى وحرق الجثث بعد ذلك .
بالأضافة الى هذه المعتقلات انشأ النازيون ماسميت بالگيتو Ghettos وهي منطقة سكنية كبيرة تم اجبار اليهود على العيش فيها وكانت مداخل و مخارج المنطقة تحت سيطرة النازيين ومن اشهرها گيتو وارسو الذي كان يقطنها 380,000 يهودي وكانت نسبة الساكنين فيها مقارنة بالغرف في ذلك المنطقة هي غرفة واحدة لتسعة اشخاص وتوفي الألاف في هذه المناطق نتيجة المجاعة و مرض التيفوئيد و في 19 يوليو 1942 اصدر هينريك هيملر امرا بنقل اليهود من هذه المناطق الى معسكرات القتل [9].
كان السجناء في هذه المعتقلات يرتدون شارة على شكل مثلث مقلوب بالوان مختلفة لتمييزهم من ناحية العرق و سبب اعتقالهم وكانت الشارات مصنوعة من القماش و مثبتة على ملابس المعتقلين من الأمثلة على هذه الشارات:
- الشارة السوداء للمتشردين و مجاميع ماسمي الکولي الذين يرجع اصولهم الى الهند و باكستان و الغجر والنساء التي تم اعتقالهن لأسباب اخلاقية او لأسباب الشذوذ الجنسي ,
- الشارة الخضراء للمجرمين.
- الشارة الوردية لمن وصفوا بالشاذين جنسيا من الذكور.
- الشارة البنفسجية لجماعة شهود يهوه.
- الشارة الحمراء للسجناء السياسيين و الشيوعيين.
- شارتين من اللون الأصفر لليهود.
- شارة من اللون الأصفر على شارة من اللون الأسود للسجناء من العرق الآري الذين كانت لديهم صفة قرابة الدم مع الأعراق او الجماعات الغير مرغوبة فيها [10]
وصل مجموع هذه المعسكرات 47 معسكرا 17 منها في المانيا و 9 في بولندا و 4 في النروج و 2 في كل من هولندا و إستونيا و ايطاليا و فرنسا و 1 في كل من تشيكوسلوفاكيا و لاتفيا و النمسا و بيلاروس و أوكرانيا و لثوانيا و بلجيكا و جزر الشانيل بين فرنسا و المملكة المتحدة. وأكبر معسكرات التركيز او معسكرات التكثيف Concentration camp على الأطلاق كان معسكر أوشفيتز Auschwitz في بولندا حيث اعتبر المعسكر خليطا بين معسكرات العمل القسري و معسكرات التصفية الجسدية استمر هذا المعسكر من ابريل 1940 الى يناير 1945 وقدر عدد المعتقلين فيها 400,000 وتم تصفية مايقارب المليون و نصف من الغير مرغوبين فيهم [11]
[تحرير] المحرقة
معسكرات الإبادة او الموت هي مصطلحات استخدمت لوصف مجموعة خاصة من المعتقلات تختلف عن معسكرات التكثيق او المعتقلات الجماعية التي تم ذكرها في السابق . المعتقلون في هذا النوع من المعسكرات لم يكن من المتوقع ان يعيشوا لأكثر من 24 ساعة بعد وصولهم المعسكر. ويعتقد ان معظم المساجين في معسكرات التكثيف قد تم نقلهم الى معسكرات الأبادة بعد عام 1942 .
كانت هناك 6 معسكرات من هذا النوع و جميعها في بولندا وهي
- معسكر أوشوتز II حيث كانت تختلف عن معسكر أوشوتز I و معسكر أوشوتز III اللذان كانا معسكرات تكثيف و اعمال شاقة . كان معسكر أوشوتز II من اكبر معسكرات الأبادة وكانت تقع في منطقة برزيزنكا Brzezinka على بعد 3 كم من مدينة أوشوتز وتم بناءه عام 1941 ضمن خطة الحل النهائي كان طول المعسكر 2.5 كم و عرضه 2 كم . كان في المعسكر 4 محارق و ماسمي مستودعات الغاز gas chambers وكان كل مستودع يتسع لحوالي 2,500 شخص . كان السجناء يصلون الى المعسكر عن طريق القطار وكانت هناك سكك حديد مؤدية الى داخل المعسكر وبعد وصولهم كانت هناك عملية فرز و غربلة اولية لفصل البعض منهم لغرض اجراء التجارب عليهم من قبل الطبيب النازي (جوزيف مينجل (Josef Mengele) (1911 - 1979) . كان هناك قسم للنساء في المعسكر .
لتقليل مخاوف السجناء كان النازيون يقولون لهم انهم ذاهبون الى الاستحمام وحسب بعض المصادر التي وكما سنرى لاحقا كانت مثيرة للجدل ان النازيين قد ربطوا انابيب الاستحمام بمصادر قناني الغاز من نوع زيلكون ب Zyklon B وهي عبارة عن السيانيد المستعمل كمبيد للحشرات و الآفات الزراعية وبعد موت السجناء بهذه الطريقة او طرق مشابهة كان استعمال الغاز فيه وسيلة رئيسية كانت الجثث تساق الى المحارق لحرقها في نفس المبنى وهناك ارقام مثيرة للجدل منها انه في هذا المعسكر وحده تم إبادة 300,000 يهودي من بولندا و 69,000 يهودي من فرنسا و 60,000 يهودي من هولندا و 55,000 يهودي من اليونان و 46,000 يهودي من مورافيا و 25,000 يهودي من بلجيكا ووصل العدد الأجمالي للاشخاص اللذين تم ابادتهم في هذا المعسكر الى مليون و نصف من الضحايا[12].
- معسكر بلزاك Belzec extermination camp وتم ابادة 434,508 يهودي في هذا المعسكر الذي يعتبر اول و اقدم معسكرات الإبادة وكانت تقع على بعد نصف ميل من بلدة بلزاك الواقعة في منطقة لوبلن Lublin في بولندا [13].
- معسكر جيلمنو Chełmno extermination camp كانت على بعد 70 كم من لودز Łódź ثاني اكبر مدينة في بولندا وتم ابادة 152,000 سجين في هذا المعسكر [14].
- معسكر ماجدانيك Majdanek وهناك تضارب على العدد الأجمالى للاشخاص الذين تمت ابادتهم حيث قدرت المصادر السوفيتية التي دخلت المعسكر اول مرة اعداد الضحايا بحوالي 400,000 ولكن فيما بعد وفي عام 1961 تم تقدير العدد بحوالى 50,000 وتشير آخر التقديرات ان الأعداد كانت حوالي 78,000 [15]
- معسكر سوبيبور Sobibór extermination camp لقى معظم الغجر حتفهم في هذا المعسكر و بلغ العدد الأجمالي للضحايا في هذا المعسكر 250,000 منهم 150,000 يهودي من بولندا و 31,000 من تشيكوسلوفاكيا [16].
- معسكر تريبلنكا Treblinka extermination camp استمر هذا المعسكر من يوليو 1942 الى اكتوبر 1943 وتم ابادة 800,00 شخص في هذا المعسكر مما يجعلها بالمرتبة الثانية بعد معسكر أوشوتز [17]
[تحرير] القائمون بعمليات الهولوكوست
هناك اعتقاد شائع ان قطاعا واسعا من الجيش الألماني و المدنيين الألمان و وحدات من الشرطة الألمانية و الجيستابو و ميليشيات القوات الخاصة النازية اِس اِس التي كان يقودها هينريك هيملر و مسؤولون كبار في وزارات الداخلية و العدل و النقل و المواصلات والخارجية بالأضافة الى بعض الأطباء الألمان الذين شاركوا في التجارب و عمليات القتل الرحيم T-4 قد شاركوا بطريقة او بأخرى في الهولوكوست ولايمكن وضع اليد على جهة واحدة مسؤولة عن عمليات الهولوكوست ولكن الأعتقاد الشائع ان ميليشيات القوات النازية الخاصة إس إس كان لها الدور الأكبر في تنظيم الحملات حيث انبعثت من هذه الميليشيات حراس المعتقلات الجماعية و معتقلات الأبادة وكان التنظيم يسمى Totenkopfverbände ومصدر الكلمة هي Totenkopf والتي تعني بالالمانية رأس الموت وكان شعارهم عبارة عن جمجمة على عظمين متقاطعين وانبعثت من ميليشيا إس إس ايضا فرق القتل التي سميت إنساتزكروبن Einsatzgruppen ومعناه بالالمانية مجاميع المهمات وقام هذه المجموعة حسب سجلاتهم بقتل اكثر من مليون شخص من غير المرغوبين فيهم [18].
بالاضافة الى الألمان شارك في تنظيم عمليات الهولوكوست دول في مجموعة دول المحور وخاصة ايطاليا و كرواتيا و هنغاريا و بلغاريا الذين ساهموا بارسال من كان على اراضيهم من اليهود الى معسكرات التكثيف و معسكرات الإبادة [19]. وقامت رومانيا وحدها بقتل 380,000 يهودي بصورة مباشرة [20] , وقام بينيتو موسوليني بارسال 8,369 يهودي الى معسكرات الإبادة . يبقى الشخص الرئيسي المسؤول عن اصدار الأمر الرئيسي للبدأ بعمليات الهولوكوست في نظر التاريخ هو هتلر على الرغم من عدم وجود اية وثيقة رسمية تربط اسم هتلر بصورة مباشرة بالعمليات ولكن هناك الكثير من الخطابات التي القاها هتلر في مناسبات مختلفة كانت تدعوا الى إبادة اليهود و غير المرغوبين فيهم ومعظم هذه التسجيلات احتفظ بها جوزيف غوبلز وزير الدعاية السياسية في عهد أدولف هتلر .
بعد الحرب العالمية الثانية تم اجراء العديد من التجارب و الأبحاث النفسية لأيجاد اجوبة مقنعة عن كيفية اتباع الأنسان لأوامر قد تعتبر غير اخلاقية او أنسانية ومن اشهر هذه التجارب تجربة العالم النفسي الأمريكي ستانلي ملغرام (Stanley Milgram) (1984 - 1933 ) وفيه قام بتجنيد متطوعين مقبولين من الناحية الثقافية و الأجتماعية وقام بتوزيع الأدوار عليهم دون ان يدري المتطوعون الغرض الرئيسي من التجربة في يوليو 1961 . قام ملغرام بوضع احد الأشخاص في غرفة مغلقة لايمكن لأحد رؤيته واعطي لهذا الشخص تعليمات ان يقوم بصورة متعمدة بالخطأ في هجاء بعض الكلمات. على الجانب الثاني من الغرفة كان هناك شخص مزود بقائمة من الكلمات التي طلب منه ان يلقيها على الشخص الموجود في الغرفة ليقوم بهجاءها بالصورة الصحيحة واذا اخطأ الشخص فان على السائل ان يضغط على زر يؤدي الى صعق الشخص بجرعة كهربائية مع ازدياد الجرعة كل مرة يرتكب في الشخص خطأ آخر , ولم يكن هناك في الحقيقة اي جرعة كهربائية ولكن السائل لم يعرف هذه الحقيقة و الشخص الموجود في الغرفة كان يتصنع الصراخ من الألم كل مرة يضغط فيها على الزر. لم يكن لكل المشتركين اي مانع من تنفيذ هذا الأمر مما ادى الى الأستنتاج بان للانسان نزعة باتباع الأوامر اذا ما اعتقد بانها صادرة من اشخاص مسؤولة حتى اذا كانت هذه الأوامر منافية للمنطق.
[تحرير] محاكمات نورمبرغ
أقرأ المقال الرئيسي محاكم نورمبرغ .
[تحرير] وجهة نظر المشككين بالحقيقة التاريخية للهولوكوست
يرى معظم المؤرخين ان الهولوكوست من اكثر حوادث العصر الحديث توثيقا بالصور و الأفلام و الوثائق وانه من غير المنطقي أنكار حادثة بهذه الضخامة وان ما انتشر من شكوك في مصداقية الحدث التاريخي قد يرجع الى المتورطين في الحملات من ميليشيات إس إس النازية التي غادر معظمهم المانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وقاموا حسب وصفهم ببث الدعايات والأشاعات التي كانت النواة الأولى لفكرة التشكيك في الحقيقة التاريخية للهولوكوست.
اول كتاب نشر حول انكار حدوث الهولوكوست كان تحت اسم الحكم المطلق Imperium في عام 1962 للمحامي الأمريكي فرانسز باركر يوكي Francis Parker Yockey الذي كان من المحامين الذين أوكل اليهم في عام 1946 مهمة اعادة النظر في محاكم نورمبرغ واظهر اثناء عمله أمتعاضا كبيرا مما وصفه بأنعدام النزاهة في جلسات المحاكمات ونتيجة لأنتقاداته المستمرة تم طرده من منصبه بعد عدة اشهر في نوفمبر 1946 . في عام 1953 قابل يوكي الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر وعمل لفترة في وزارة الأعلام المصرية وكانت كتاباته معادية لدولة اسرائيل [21].
بعد كتاب يوكي قام احد المؤرخين المشهورين هاري أيلمر بارنيس Harry Elmer Barnes الذي كان اكاديميا مشهورا في جامعة كولومبيا في نيويورك باتباع نهج يوكي في التشكيك بالحقيقة التاريخية للهولوكوست [22] وتلاه المؤرخين جيمس مارتن James J. Martin و ويلس كارتو Willis Carto وكلاهما من الولايات المتحدة وفي 26 مارس 2003 صدرت مذكرة اعتقال بحق كارتو من السلطات القضائية في سويسرا[23]. وفي الستينيات ايضا وفي فرنسا قام المؤرخ الفرنسي بول راسنير Paul Rassinier بنشر كتابه دراما اليهود الأوروبيين The Drama of the European Jews ومما زاد الأمر اثارة هذه المرة ان راسنيير نفسه كان مسجونا في المعتقلات الألمانية اثناء الحرب العالمية الثانية و لكنه انكر عمليات الهولوكوست .
في السبعينيات نشر آرثر بوتز احد اساتذة الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب في جامعة نورث ويسترن الأمريكية Northwestern University في ولاية إلينوي كتابا باسم أكذوبة القرن العشرين The Hoax of the Twentieth Century وفيه انكر الهولوكوست وقال ان مزاعم الهولوكوست كان الغرض منها انشاء دولة اسرائيل [24] , وفي عام 1976 نشر المؤرخ البريطاني ديفد أرفنك David Irving الذي حكمت عليه محكمة نمساوية مؤخرا وبالتحديد في 20 فبراير 2006 بالسجن لمدة ثلاث سنوات بسبب انكاره للهولوكوست في كتابه Hitler's War حرب هتلر [25] . وفي 1974 قام الصحفي الكندي من اصل بريطاني ريتشارد فيرال Richard Verrall بنشر كتابه أحقا مات 6 ملايين ؟ Did Six Million Really Die وتم استبعاده من كندا بقرارمن المحكمة الكندية العليا عام 1992 [26].
هناك العديد من الكتب و المنشورات الأخرى على هذا السياق ويمكن اختصار النقاط الرئيسية الذي يثيره هذا التيار بالنقاط التالية:
- إبادة 6 ملايين يهودي هو رقم مبالغ به كثيرا اذن انه استنادا على احصاءات اوروبا قبل الحرب العالمية الثانية كان العدد الأجمالي لليهود في اوروبا 6 ملايين و نصف المليون وهذا يعني انه في الهولوكوست تم تقريبا القضاء على اليهود في اوروبا عن بكرة ابيهم و هذا ينافي ارقاما اخرى من دوائر الهجرة الأوروبية التي تشير الى انه بين 1933 و 1945 هاجر مليون و نصف يهودي الى بريطانيا و السويد و اسبانيا و أستراليا و الصين و الهند و فلسطين و الولايات المتحدة . بحلول عام 1939 واستنادا الى احصاءات الحكومة الألمانية فقد هاجر 400,000 يهودي من المانيا الذي كانت تحتوي على 600,000 يهودي وهاجر ايضا 480,000 يهودي من النمسا و تشيكوسلوفاكيا وهاجر هذا العدد الكبير ضمن خطة لتوطين اليهود في مدغشقر ولكنهم توجهوا الى دول اخرى ولم يتم مصادرة املاكهم والا لما كان اليهود اليوم من اغنى اغنياء العالم وهناك ارقام اخرى تشير الى ان اكثر من 2 مليون يهودي هاجروا الى الاتحاد السوفيتي. كل هذه الأرقام تعني بالنهاية انه كان هناك على الأغلب اقل من 2 مليون يهودي يعيشون في دول اوروبا التي كانت تحت الهيمنة النازية ويصر العديد ان السجناء اليهود في المعتقلات النازية لم يزد عددهم عن 20,000 . ويورد هؤلاء المؤرخون انه العدد الأجمالي لليهود في العالم في سنة 1938 كانت 16 مليون و نصف المليون وكان العدد الأجمالي لليهود في العالم بعد 10 سنوات اي في عام 1948 كانت 18 مليون و نصف المليون واذا تم القبول جدلا بان 6 ملايين يهودي قد تمت ابادتهم اثناء الحرب العالمية الثانية فان العشر ملايين المتبقين يستحيل ان يتكاثروا بهذه النسبة الضخمة التي تنافي قوانين الأحصاء و النمو البشري ليصبح 10 ملايين يهودي 18 مليونا بعد عشر سنوات [27].
- عدم وجود وثيقة رسمية واحدة تذكر تفاصيل عمليات الهولوكوست وان ماتم ذكره في الأجتماع الداخلي في منطقة وانسي Wannsee جنوب غرب برلين في 20 يناير 1942 وعلى لسان هينريك هيملر كان ما مفاده ان السياسة الحكومية بتشجيع هجرة اليهود الى مدغشقر ليتخذوه وطنا تعتبر غير عملية في الوقت الحاضر بسبب ضروف الحرب العالمية الثانية وان المانيا تحتاج الى الأيدي العاملة لتسيير عجلة الحرب وانه واستنادا على المؤرخ الفرنسي بول راسنير Paul Rassinier الذي كان نفسه يعمل في احد المعسكرات التي وصفها بالمعسكرات الأنتاجية لدعم الحرب حيث ذكر في كتابه "دراما اليهود الأوروبيين" The Drama of the European ان مايسمى وثيقة الحل النهائي هي في الحقيقة خطة لتاجيل عملية استيطان اليهود في مدغشقر كما كان مقررا وانه تم تاجيله لحد انتهاء الحرب لحاجة المانيا للايدي العاملة والأنتظار لحد فتح قنوات دبلوماسية مع الدول الأخرى لحين ايجاد وطن مناسب ليهود اوروبا [28].
- التضخيم الأعلامي لمعسكرات الأعتقال المكثف و معسكرات الموت لا أساس له من الصحة وان هذه المعسكرات كانت وحدات انتاجية ضخمة لدعم آلية الحرب وان اكبر المعتقلات التي اثير حوله جدل كبير ألا وهو معسكر أوشوتز قد تمت السيطرة عليها لأول مرة من قبل القوات السوفيتية التي لم تسمح لأي جهة محايدة من دخولها لمدة 10 سنين حيث يعتقد ان الاتحاد السوفيتي قام بتغير ملامح المعسكر خلال هذه السنوات العشر وانه لم يكن يوجد على الأطلاق ماتم تسميته بمستودعات الغاز الذي كان اليهود يوضعون فيه بالالاف لغرض تسميمهم وانما كانت هناك غرف صغيرة لغرض تصنيع مبيدات الحشرات و الآفات الزراعية وكان هناك بالفعل عدد من المحارق في تلك المعسكرات ولكنها كانت لغرض حرق جثث الموتى الذين قضوا نحبهم من داء التيفوئيد في السنوات الأخيرة من الحرب نتيجة نقص الخدمات الطبية بسبب انهيار البنى التحتية الألمانية في سنوات الحرب الأخيرة و عليه فانه من غير المعقول ان تصرف المانيا كل هذا الوقود و الطاقة التي كانت بأمس الحاجة اليها في الحرب لغرض احراق ملاين الجثث [29].
- كثير من الصور التي عرضت على العالم وفي محاكم نورمبرغ هي في الحقيقة صور ماخوذة من الأرشيف الألماني نفسه حيث ان الألمان حاولوا ان يظهروا مدى تفشي المجاعة و مرض التيفوئيد في المانيا وخاصة في سنوات الحرب الأخيرة وان اهم الصور الذي قدمت في محاكم نورمبرغ على انها إبادة جماعية لليهود هي في الواقع صور من القصف المثير للجدل الذي قام به الطائرات الحربية لدول الحلفاء لمدينة دريسدن الألمانية بين 13 فبراير 1945 و 15 فبراير 1945 الذي يعتبر لحد هذا اليوم من اكثر حوادث الحرب العالمية الثانية أثارة للجدل حيث القي حوالي 9,000 طن من القنابل عل تلك المدينة وتم تدمير 24,866 منزلا من اصل 28,410 منزلا و تم تدمير 72 مدرسة و 22 مستشفى و 18 كنيسة و 5 مسارح و 50 مصرفا و 61 فندقا و 31 مركزا تجاريا ويعتقد ان 25,000 الى 35,000 مدنيا لقوا حتفهم في ذلك القصف [30] [31].
- هناك نوع من نظرية المؤامرة حول التضخيم الأعلامي لحوادث الهولوكوست شاركت بها الاتحاد السوفيتي من طرف حيث بثت هذه الأشاعات لبسط هيمنتها على اوروبا باعتبارها البديل الأفضل لألمانيا ولكي تصرف النظر عن سوء معاملتها للسجناء في معتقلات الگولاگ Gulag السوفيتية السيئة الصيت وشارك في هذه المؤامرة من الناحية الأخرى الدول الغربية المنتصرة في الحرب العالمية الثانية والذين لم يتقبلوا الفكرة الألمانية باتخاذ مدغشقر وطنا لليهود وانما فضلوا فكرة اقامة دولة اسرائيل كوطن ليهود العالم .
يعتبر ضاهرة انكار الحقيقة التاريخية للهولوكوست جديدة على العالم العربي و الأسلامي اذا ما قورن بالتيار الغربي حيث بدأت مؤخرا دول في الشرق الأوسط مثل سوريا و ايران و فلسطين وخاصة حركة حماس بنشر تلك الأفكار [32]. وفي اغسطس 2002 تم اقامة مؤتمر في مركز زايد في أبوظبي باشراف سلطان بن زايد آل نهيان تم وصفه بانه ينشر الأفكار التي تنكر الحقيقة التاريخية للهولوكوست [33] , ويعتبر عبدالعزيز الرنتيسي من احد الأسماء المشهورة الذي ينكر حدوث الهولوكوست. في ديسمبر 2005 صرح الرئيس الأيراني محمود أحمدي نجاد ان الهدف من "أسطورة" الهولوكوست كان انشاء دولة اسرائيل . ومن الجدير بالذكر ان انكار الحقيقة التاريخية للهولوكوست تعتبر جناية يعاقب عليها القانون في فرنسا و بلجيكا و سويسرا و المانيا و النمسا و رومانيا و سلوفاكيا و لثوانيا و بولندا و تشيك.